قالت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إنها لاحظت “غياب التكوين بالنسبة للقضاة وأعوان القضاء”، لافتة إلى أن “ميزانية وزارة العدل لم تمنح فيها مخصصات للتكوين منذ عدة سنوات، كما أن “التكوينات في الخارج أصبحت نادرة، بالرغم من أهميتها في تطوير وتحسين العمل القضائي”.
ورصدت اللجنة في تقريرها السنوي حول وضعية حقوق الإنسان في موريتانيا 2021 – 2022 ضمن آثار غياب التكوين “وجود بعض القضاة اليوم على رأس محاكم في مختلف المجالات التجارية والجنائية والمدنية ليست لديهم فيها أي مؤهلات ولا تكوين أساسي”.
ورأت اللجنة أنه على الرغم من كفاءة بعض القضاة، فمن الواضح أن قضاة آخرين يشغلون مناصب رفيعة في التسلسل الهرمي القضائي ومدعوين بحكم مواقعهم إلى تسوية نزاعات معقدة مثل القانون البحري، وقانون التأمين، والقانون الجنائي، وقانون الشركات، وقانون الضرائب، والقانون الإداري.. ليس لديهم تكوين في المجالات المذكورة ومع ذلك تقع ضمن اختصاصهم.
وأضافت اللجنة أن العديد من هذه المجالات تتطلب تعليما جامعيا أساسيا صلبا مرتبطا بثروة من الخبرة.
وشددت اللجنة على أنه “قد آن الأوان لتوقف هذه الوضعية التي استمرت كثيرا من الزمن، والتي تؤثر على أداء وفعالية المحاكم”.
وأوصت اللجنة بوضع نظام تكويني مستمر تخصص له وسائل مالية في ميزانية الدولة على أن يكمل من طرف تدخل الشركاء.
ونبهت اللجنة في تقريرها – الذي تسلمه الرئيس محمد ولد الغزواني منتصف أكتوبر الماضي – إلى أن تقلبات الحياة وتعقيد القضايا تتطلب تخصصا من القضاة الذين لم يعد بإمكانهم، كما كان من قبل، إثبات كفاءتهم في جميع المجالات.
وأكدت اللجنة أنها لاحظت عدم تخصص القضاة، حيث يتم نقل بعض الذين اكتسبوا خبرة في مجال معين بانتظام إلى مجالات قانونية أخرى، كما يلاحظ – وفقا لنص التقرير – عدم وجود حدود في الانتقالات بين القضاة الجالسين وقضاة النيابة، معتبرة أن هذا يؤثر على الكفاءة المهنية للقضاة وفعالية العدالة.
وأضافت اللجنة أنها لاحظت أن بعض القضاة تلقوا تكوينا من طرف شركاء موريتانيا الفنيين والماليين في مجالات كحقوق الطفل، والأرشفة، ومكافحة الإرهاب.. لكن هؤلاء يتم نقلهم بانتظام إلى مجالات أخرى لا علاقة لها بالخبرات المكتسبة.
ورأت اللجنة أنه بسبب التحويلات العشوائية بمناسبة انعقاد كل دورة للمجلس الأعلى للقضاء، يستمر انتقال القضاة بين قضاء الحكم وقضاة النيابة وهو ما يؤثر على الكفاءة المهنية للقضاة وفعالية العدالة.
وأوصت اللجنة بتشجيع تخصص القضاة لكونه شرطا للإدارة الجيدة للعدالة.
كما توقفت اللجنة في تقريرها مع “عدم قابلية عزل القضاة”، ووصفته بأنه هو “الضمان الأساسي لاستقلاليتهم”، معتبرة أن عدم فعاليتها تقوض بشكل دائم ثقة المتقاضين في استقلالهم وحيادهم.
وأردفت أن عدم قابلة عدل القضاة تعد قانونيا هي الحماية التي يتمتع بها القضاة ضد التغييرات التعسفية للمناصب من قبل السلطة التنفيذية، في حالة عدم رضاها عن الأحكام الصادرة عن القاضي. وهذه الحماية موجودة في العديد من النظم القانونية.
وقالت اللجنة إن عدم قابلية عزل القضاة لا يتم احترامها على الرغم من النصوص الواضحة في هذا الشأن بحيث يتم نقل القضاة خلال كل مجلس أعلى للقضاء وتعيينهم كما هو الشأن مع وكلاء الإدارة.
وذكرت اللجنة بإقالة ثلاثة رؤساء للمحكمة العليا من وظائفهم قبل انتهاء مأموريتهم في الماضي.
وأوصت اللجنة باحترام مبدأ عدم قابلية عزل القضاة الذي يضمن الاستقلال الحقيقي.
وتحدثت اللجنة ضمن رصدها للاختلالات في مجال العدل عن “التأخر في تحرير الأحكام”، مشددة على أن “التراخي واللامبالاة في تحرير الأحكام يرهقان حقوق الخصوم الذين يرون بالتالي أن سبل طعنهم تطول بشكل غير عادي”.
وأضافت اللجنة أنها لاحظت الكثير من التراخي والإهمال في سنة 2021، على مستوى محكمة الاستئناف بنواكشوط حيث تم تأجيل 105 ملفات بسبب عدم تحرير الأحكام الابتدائية على مستوى محكمة الدرجة الأولى على الرغم من تجاوز الآجال القانونية إلى حد كبير.
وأردفت أن بعض القضاة لا يحررون أحكامهم في الآجال، واصفة الأمر بأنه “درجة من الإهمال البين بل عدم المسؤولية”.
وأكدت اللجنة أن التأخر في تحرير الأحكام تشكل انتهاكا لحقوق المحتجزين، خصوصا الحق في الاستماع لقضيتهم من طرف محكمة أعلى في غضون فترة زمنية معقولة.
وأشارت اللجنة إلى أنها كلمت وزير العدل في شأن الملفات 105 المتأخرة عن الاستئناف، وأصدر تعليمات أدت إلى تحرير الأحكام.